قلق اسرائيلي من تجدد العلاقات بين حماس والأردن

---

عمون - القدس العربي - من بسام بدارين وزهير اندراوس: لم يشكل قرار السلطات الاردنية استئناف العلاقات مع حركة المقاومة الاسلامية مجددا مفاجأة للمراقبين، حيث جاء ذلك بعد تطورات اردنية داخلية سياسية وامنية.
التحرك الاردني نحو حماس جاء بعد تطورين مهمين علي الساحة المحلية، الاول تمثل في نجاح الحكومة الاردنية في السيطرة المطلقة علي المشهد الانتخابي المحلي عبر مسارين تم في الاول اخضاع الجناح الموالي لحماس في الحركة الاسلامية، وحصل في الثاني ترتيب مضاد لخطة كانت مفترضة لكي يسيطر الاسلاميون وبينهم مناصرون لحماس علي ربع عدد مقاعد مجلس النواب الاردني علي الاقل.
وفي هذا السياق خرج الاسلاميون تماما من لعبة البرلمان وفازوا بستة مقاعد فقط في مجلس النواب وخسروا مقاعدهم في اهم معاقلهم، الامر الذي اعتبره المراقبون نتيجة طبيعية لتكتيك الحكومة الانتخابي الذي استهدف الاسلاميين بوضوح تام في عهد حكومة معروف البخيت بعدما اعلن الاخير بأن حركة حماس اختطفت جبهة العمل الاسلامي الذراع الحزبية لجماعة الاخوان المسلمين.
اما التطور الثاني، هو ان حماس وتحديدا قيادتها في الخارج لم تستطع فعلا في اطار المواجهة مع السلطات الاردنية تحسين موقفها وشروطها بل لم تتمكن من فرض بصماتها علي واقع الانتخابات وحوصرت في حرب سياسية شرسة المجموعة الموالية لها داخل اطر الاخوان المسلمين وجبهة العمل الاسلامي فيما كانت الحكومة الاردنية شرسة في هذا الاتجاه.
ومن الواضح ان اتصالات التهدئة بين اسرائيل وحماس والتفاهمات التي تجري بين الطرفين عبر العنوان المصري خطوة ساهمت هي الاخري في استرخاء صانع القرار الاردني قليلا وتشجيعه علي اقامة نوع من الاتصال مع حركة حماس لان هذا الاتصال فيما تفاوض اسرائيل الحركة عن بعد لا يشكل عبئا علي السياسة الاردنية.
ومن الواضح ايضا ان لعب ايران بالحسابات الاقليمية السياسية الضيقة نتج عنه حراك في مستوي العمل السياسي عند قادة حماس وهو الحراك نفسه الذي انتهي قبل يومين بلقاء مميز قد يعقبه انفراجات موازية جمع القيادي في حركة حماس محمد نزال اضافة لنخبة من قادة جبهة العمل الاسلامي بمدير المخابرات العامة في الاردن الجنرال محمد الذهبي.
واكدت مصادر إسرائيلية وصفت بأنّها رفيعة المستوي الجمعة إن العلاقات بين الاردن وحماس تجددت في الآونة الأخيرة بعد قطيعة استمرت نحو عشر سنوات.
ونقل محلل شؤون الشرق الأوسط في القناة الثانية التجارية في التلفزيون الإسرائيلي ايهود يعري، عن مصادر أمنية وسياسية في الدولة العبرية قولها إن الحكومة الإسرائيلية أعربت عن خشيتها من هذه الخطوة، وزاد قائلاً إن عضوي المكتب السياسي في حركة حماس، محمد نزال ومحمد نصر، قاما في الفترة الأخيرة بزيارتين إلي المملكة الهاشمية بناءً علي دعوة من السلطات الأردنية لبحث العلاقات بين الطرفين وإعادتها إلي مسارها الطبيعي.
وتابع قائلاً أنّ مدير المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي التقي عضوي المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال ومحمد نصر، وهذه أول زيارة ـ إن صحت المعلومات ـ لمحمد نزال إلي عمان منذ إبعاده مع خالد مشعل وآخرين العام 1999 . وكان الأردن قد رفض مرتين خلال الأشهر القليلة الماضية طلبات قدمها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل من أجل إعادة العلاقات الرسمية بين الأردن وحماس وإعادة فتح مكاتبها بعد عام من القطيعة الكاملة إثر مصادرة عمان أسلحة كانت في طريقها إلي الحركة واعتبارها تشكل تهديدا للأمن الوطني الأردني.
وأشار محللون إلي أنه ليس من مصلحة الأردن وسمعته واستقراره الداخلي أن يذهب بعيداً في إجراءاته ضد حركة تحرر وطني كحركة حماس، بما تلاقيه من احترام وتأييد وشعبية لدي القوي العربية والإسلامية ولدي الشعب الأردني والفلسطيني، وفي هذا السياق يذكر هؤلاء أن حماس لم تكن الوحيدة المستفيدة من شكل العلاقة السابق مع الحكومة الأردنية، وأن الأردن كان مستفيداً أيضاً من هذه العلاقة، وأنه ليس من مصلحته أن يفرط بكل ما حققه من علاقته مع حركة حماس، علي حد تعبيرهم.
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية الصادرة باللغة الانكليزية إن مشعل كان يقيم في الأردن في عام 1997عندما قامت إسرائيل بمحاولة فاشلة لتسميمه بسبب نشاطاته الإرهابية، وقد هدّد الأردن إثر ذلك بقطع علاقاته مع إسرائيل مما دفعها إلي توفير العلاج اللازم لإنقاذ حياة مشعل، كما أطلقت سراح زعيم الحركة الشيخ أحمد ياسين في مقابل إطلاق الأردن سراح العميلين في الموساد اللذين حاولا تسميم مشعل وعودتهما إلي إسرائيل.
وزادت الصحيفة الإسرائيلية قائلة إنّ الأردن الذي رفض بشدة دعوات حماس الأخيرة لإقامة وجود لها في الأردن، اتهم مشعل باستغلال الثقة الأردنية وتواجد حماس في الأردن بمحاولته تهريب الأسلحة إلي الضفة الغربية، علي حد قول المصادر الإسرائيلية.